الطيب دبورة … شيخ المراسلين وصوت عطبرة الذي لا يشيخ 2
قلم حر د. متوكل أحمد حمد النيل

في ذاكرة الصحافة السودانية، تبرز أسماء قليلة استطاعت أن تصنع حضوراً دائماً رغم تغيّر الأزمنة، ومن بينها اسم الطيب دبورة؛ الرجل الذي نقل أخبار عطبرة إلى الوطن، فصار صوته مرادفاً للمصداقية والمهنية والالتزام. لم يكن مجرد مراسل، بل حالة فريدة جمعت بين الصحافة والعلم والثقافة .
لمع نجم دبورة في وقت لم تكن فيه الصحافة عملًا سهلًا أو ميسورًا ، فكان يقطع المسافات الطويلة ليجمع الخبر، ويتصل بالصُحف من المقاهي العامة أو من مكتب البريد، فقط ليُسمِع صوت عطبرة لكل السودان ، ومع مرور الزمن، صار لقبه “شيخ المراسلين السودانيين”، وهو لقب حمله باعتزاز حتى آخر يوم في حياته .
تميز بأسلوب بسيط وعميق في الوقت نفسه، وبلغة خالية من الزخرف لكنها مليئة بالصدق والحماس ، وكان يردد دائمًا أن “الصُحافي الجيد لا يكتب من خلف المكتب، بل من قلب الحدث”.
رحل الطيب دبورة عن الدنيا في 7 نوفمبر 2007م، لكنه لم يغب عن ذاكرة الصحافة السودانية فترك وراءه إرثًا من المهنية والانتماء، وأجيالًا من الصحافيين الذين تعلموا منه أن الصحافة ليست مجرد وظيفة، بل رسالة ومسؤولية وطنية.
قال عنه أحد زملائه:
كان دبورة مدرسة في الأخلاق قبل أن يكون مدرسة في الخبر.”
تجربة الطيب دبورة لا تزال تحمل رسائل مهمة للصحافة السودانية اليوم ومن أقواله :
أن الصدق والدقة أهم من السبق الصحفي ، و أن الاقتراب من الناس هو ما يمنح الخبر قيمته الحقيقية ، و أن الثقافة و المعرفة هما السلاح الحقيقي للصحفي.
لقد جسّد دبورة معنى “الصحافة الميدانية” بكل ما تحمله الكلمة من تضحية وشغف، وبقي اسمه شاهدًا على زمنٍ كانت فيه الكلمة تُكتب بالعرق والجهد، لا بزر الفأرة.
كلمة أخيرة…..
إن الصحافة ليست مجرد مهنة، بل شغف و رسالة وطنية سامية و نبيلة .
من عطبرة إلى الخرطوم، ومن الهاتف إلى صفحات التاريخ، ظل الطيب دبورة صوته يردد:
هنا دبورة من عطبرة ، ليؤكد أن بعض الأصوات لا تُنسى، لأنها نطقت بالحق وظل صداها باقيًا ما بقيت الكلمة .


