الأخبار المحلية

قبل أن تذهبوا…!!! كباتن النيل الأبيض… حين تصبح “المقاومة الشعبية” وظيفة اضطرارية

د.عبدالمنعم المهل

● في خضم الأزمات التي تضرب ولاية النيل الأبيض، وتحديدًا مدينة كوستي، يظهر إلى السطح دور جديد لشخصيات كانت ذات يوم فاعلة في المجالين الاجتماعي والسياسي، عُرفت مجازًا بلقب “كباتن النيل الأبيض”. هؤلاء الذين طالما ارتبطت أسماؤهم بالمناصب والمكاسب الحكومية، وجدوا أنفسهم اليوم أمام واقع قاسٍ بعد انقطاع الدعم والمخصصات، فلم يجدوا خيارًا سوى الاحتماء بعباءة “المقاومة الشعبية” في محاولة جديدة للعودة إلى دائرة التأثير والنفوذ.
● من اللافت أن بعض من هذه الشخصيات لعبت دورًا رئيسيًا في تحويل جزء من المساحات العامة إلى مصادر للارتزاق، فتمت عمليات بيع علنية للميادين الخضراء، وتوزيع الأراضي المحاذية لمسارات السكة الحديد على شكل أكشاك تجارية تمتد من السوق الكبير إلى السوق الشعبي. وبدلًا من التخطيط الحضري، انتشرت الفوضى، لتشهد المدينة أسوأ أزماتها المرورية، وتعاني من اختناق يومي يعطّل حياة الناس.
● وفي لحظة مفصلية، وبعدما جفّت الموارد والمواقع الرسمية، هرع هؤلاء “الكباتن” للانخراط في ما يسمى بـ”المقاومة الشعبية”، محاولة جديدة لإعادة التمركز داخل المشهد السياسي. لكنّ اللافت أن هذه المقاومة، التي ابتعد عنها عقلاء كُثر ” الحركة الإسلامية” أصبحت مأوى لمن لا مهنة لهم سوى التجوال بين مكاتب الدولة، بحثًا عن الامتيازات، لا عن واجب وطني.
● في زمن تغيرت فيه طبيعة الحروب، وأصبحت تعتمد على التكنولوجيا والطيران المسير والمدفعية الثقيلة، فإن قيادة العمل المقاوم يجب أن تُسند إلى من يملكون خبرة عسكرية فعلية، لا لمن يكتفون بالشعارات واللباس التقليدي.
● فلماذا تُستثنى شريحة الجنود المتقاعدين، أبناء القوات النظامية الذين خاضوا تجارب حقيقية، لصالح شخصيات لا تملك سوى رصيدها القديم حيث الظهور بالجلباب والعمامة البيضاء الناصعة.
● الفرقة 18 وغيرها من التشكيلات العسكرية بولاية النيل الأبيض تؤدي مهامها بشرف، وتستحق الدعم المباشر بالمال والعتاد، وليس الالتفاف حولها بشعارات فضفاضة. وإذا أراد والي الولاية أن يحظى بثقة المواطنين، فعليه توجيه الجهد والتمويل نحو هذه القوات النظامية، لا إلى أجسام موازية قد تفتح بابًا للفوضى أكثر مما تغلقه.
● ما تحتاجه كوستي ومدن الولاية الأخرى هو مشاريع تنموية حقيقية، تبدأ بإعادة خدمات الكهرباء والمياه في القطينة، وتحسين الرعاية الصحية في الدويم، ودعم النازحين، وتوفير بيئة كريمة للمعلم والطبيب والموظف، الذين يعملون دون أجر كافٍ ولا يجدون حتى ما يشترون به أضحية العيد أو دواء المرضى.
قبل أن تغادروا:
● السيد والي النيل الأبيض، أنت تعلم أكثر من غيرك من هم هؤلاء “الكباتن”، وأين كانوا، ولمن يتبعون. وتعلم أن لا هدف لهم سوى البحث عن السلطة تحت عباءة أي مشروع كان، حتى وإن ألبسوه رداء “المقاومة”.
● فواجبك اليوم ليس مجاملتهم، بل إعادة الاعتبار للمؤسسات، ولمفهوم الخدمة المدنية الذي أُفسد بفعل المحاباة والرواتب غير المتوازنة.
● السودان، والنيل الأبيض تحديدًا، لا يحتاج إلى مقاومة تُدار بمفاهيم قديمة وأغراض شخصية، بل إلى مقاومة للفقر والجهل والفساد، يقودها الشرفاء وذوو الخبرات، لا الطامعون.
● كوستي لا تبحث عن من يخدمه المنصب، بل عن من يخدمها بصدق، ويعيد لها وجهها الحضاري والإنساني الذي شوهته المصالح.

مرسال نيوز

تهدف مرسال نيوز إلى أن تكون الخيار الأول للقراء الذين يبحثون عن الأخبار الصحيحة والشاملة. تسعى المنصة إلى تقديم محتوى غني بالمعلومات يغطي مختلف المجالات مثل السياسة، الاقتصاد، الثقافة، والرياضة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى