
كتبنا مراراً عن التعليم وأهميته في بناء ونهوض وتقدم الأمم ، فالعلم يرفع بيتاً لا عماد له *** والجهل يهدم بيت العز والشرف .
استوقفني مقال للكاتب أحمد المشاري تحدث فيه عن التعليم في دولة فلندا والمعجزة التي تحققت من خلال اهتمامهم بالعملية التعليمية فكان سرده للموضوع شيق وموضوعي وتحدث حديث العارفين من خلال بحثه عن هذه الدولة وتقدمها على أقرانها فأصبحت من أفضل الدول في هذا المجال ناهيك عن المجالات الأخرى .
فبدأ مقاله بسؤال : ماذا يعني أن تقلل أيام الفصل الدراسي، وتقلص ساعات التدريس في الأسبوع، وتوقف الاختبارات الموحدة، وتتخلص من الواجبات المنزلية والدروس الخصوصية، ثم تتصدر ترتيب طلبة العالم في اختبارات القياس الدولية؟
هذا ما حدث في عام 2000م حين فوجئ العالم بمجموعة طلاب قادمين من دولة صغيرة تعداد سكانها خمسة ملايين نسمة، يُتَوَّجون بالمراكز الأولى في اختبارات القياس الدولية، ومذ ذاك العام والسياحة التعليمية نشطة في فنلندا : طوابير من الوفود الدولية تصطف سنويًّا للزيارة، والإجابة عن سؤال واحد: ما الذي يجري في مدارسكم؟
« أول خطوة اتخذتها فنلندا للنهوض بالتعليم هي التخلص من الجراثيم». هكذا يسميها الدكتور سالبرغ اشتقاقًا من الأحرف الأولى لاسم الحركة العالمية لإصلاح التعليم «Global Education Reform Movement»، أو «GERM» (جرثومة) اختصارًا.
تكثيف المواد، كثرة الاختبارات والواجبات، إطالة أوقات الدوام، الدراسة المنزلية والدروس الخصوصية، كلها أساليب يؤكد سالبرغ أنها جراثيم قادرة على هدم أي نظام تعليمي يتكئ عليها، لأنها ممارسات غير تربوية من شأنها إرهاق الأستاذ والتلميذ معًا، وإضعاف عملية التعليم ككل.
يجب أن نُذَكِّر أنفسنا دائمًا بأهداف التعليم: أولها بناء اقتصاد جيد، وثانيها المحافظة على ثقافة البلد، وآخرها أن الأساليب الجرثومية لا تحقق ذلك.
مفارقات التعليم الفنلندي:
هذه بعض المفارقات التعليمية التي ربما لم يعتد عليها النوع البشري القاطن خارج نطاق الجغرافيا الفنلندية، علينا أن نصدق أن هناك شعبًا كاملًا يمارسها بشكل اعتيادي، واستطاع أن يتفوق بها على الشعوب الأخرى.
* تدريس أقل = تعلم أكثر
لم تثبت العلاقة بين زيادة أوقات الدراسة والتفوق، بل لوحظ أن الدول التي يتفوق طلابها كانت تقلل من ساعات دوامها المدرسي، في حين الدول التي أظهرت تدنيًا في مستويات طلبتها هي التي كانت تعتمد على زيادة ساعات الدراسة.
مفارقة «التدريس الأقل» تقضي على الخرافة السائدة عن أن الطالب يتقدم تعليميًّا بمضاعفة ساعات تدريسه في الصف، عند ساعات الاستراحة، في البيت، خلال العطلة، في الطريق، إلخ.
ومن تطبيقات هذا التقليل في فنلندا:
الطلاب الفنلنديون هم الأقل مكوثًا في المدرسة
البيوت الفنلندية تخلو من الدروس الخصوصية
المعلمون الفنلنديون يقضون ساعات تدريس أقل من البلدان الأخرى
الطالب الفنلندي هو الأقل قلقًا
المدرسة الفنلندية تفوقت عالميًّا خلال سنوات قليلة أيضًا
ساعات التعليم الصباحي كافية للطالب والمدرس، لا داعي للاستحواذ على ما تبقَّى من اليوم.
و للحديث بقية


