
لم يكن هناك يوم أثقل وأفجع على أهلنا حمر خلال حرب الكرامة من يوم أمس الأول حيث رحل الناظر العم عبد القادر منعم منصور زعيم القبيلة والأب الروحي عن الفانية في مشهد يبدو كروايات التاريخ العظيمة التي تروي سير الأبطال وتضحيات شجعان معركة الكرامة من فرسان الأمة السودانية المجيدة وهي تقاتل قوي الشر الدولية وتنتصر بإذن الله،
وما من أحد من الناس إلا و قد جال بخاطره أن الأمير عبد القادر منعم منصور رحل عن الدنيا بعد ضرب من المعاناة والمرض والقهر والصبر الطويل وهو محاط بزئاب المليشيا المتمردة وتحت سلطتهم الباطشة والمعتدية، كان كجبل حيدوب كأنه يتخذ سفرا عظيما خالدا وراء أودية الرحيل والموت ظل ثابتا متماسكا ينتظر فرج كربته من الله ويلحظ الجور والظلم يلفان دار حمر ودار فور مدنها وقراها وبطاحها وبين يديه تاريخ حافل بالنصر والكبرياء والشهامة مستمد من أجداده مكي والمليح ومحمد الأحمر، يتكيء على حائط كرسية القائم وسط داره ببيت النظارة والذي يحمل علم السودان بزخرفاته الملونة وطلائه العتيق كرمز وطني نصب على رمال كردفان
رحل الأمير وحرائر الدار قد توشحن السواد وليلهن في خيام النزوح مضمخ بالشجى والشجن والنحيب.
كيف لا يندبن وقد رحل الأسد الذي لم يبرح عرينة رغم آلة القتل والنهب والسلب التي سلطتها المليشيا علي الدار، رجل يرفل في عز تليد وماض مليء بالحكايات والبطولات و المواجد العريقة كأنه يرفق سيرته على قطعة صك منقوش على وثيقة اجدادة الموقعة مع سلاطين الفور تحمل قيمة الأرض التي اتخذوها موطنا لهم دار حمر وحدودها وجغرافيتها،
ظل الأمير طوال فترة إقامته الجبرية بمنزلة محفوراً في عقول الكبار والصغار يتحدثون عن شهامته وإباءه وكيف تحمل عنهم جميعا كلفة الحرب ورفع أسمهم عاليا وهو الوحيد الذي بقي ولم يتزحزح من داره أي طاقة تلك التي تهدي القرى و الريف بديار حمر كلها مباهج الفخر والاعزاز،
رحل الأمير عبد القادر منعم منصور أمير عموم قبائل دارحمر وأمير أمراء السودان بمدينة النهود التي تسيطر عليها مليشيا الدعم السريع منذ مايو 2025،
رحل منا ولم ترحل سيرته العطرة وتاريخه النضالي والوطني ويبقى غرسة الكبير ينمو بين أبناء دار حمر جيل بعد جيل ومسيرته الباذخة لابد أنه سيتدارسها الكهول و الشباب بأن دار حمر وكردفان بل السودان فقدت رجلا فارسا غيورا سخيا محبا لأهله ترك بصماته في الحياة العامة أربعون عاما من العطاء
كان الراحل الأمير عبد القادر رجل يعرف قدر نفسه فلم يرضي أن يقال أنه ترك داره وأرض أجداده بسبب المليشيا مما أفضى إلى تدهور صحته ونقل مؤخرا إلى مستشفى النهود ليسلم الروح إلى باريها
وينضم إلى سلسلة أجداده العظام الذين تعاقبوا على قيادة القبيلة الحاج منعم مكي ابو المليح و محمد الشيخ اسماعيل 1870م وابراهيم المليح ( 1850-1904) و اسماعيل محمد الشيخ 1905-1927 و احمد اسماعيل 1925-1927 ووالده منعم منصور 1928-1970 والذي توفى فبراير 1979م. إلى أن انطوت مسيرته الخالدة الحافلة بخدمة الناس والمجتمع عبدالقادر منعم منصور 1985-2025م
ألا رحم الله العم عبد القادر منعم منصور محمد الشيخ رحمة واسعه واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا،



