الأخبار المحلية

قبل أن تذهبوا…!!! الكوليرا لا تكذب!

– في السودان، بات اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب من أعقد المستحيلات. لم تعد الكفاءة أو التجربة أو التأهيل هي معيار التعيين، بل صار الولاء وقدرة الشخص على تنفيذ توجيهات القيادة ومن حولها هو الفيصل.
– لكن وسط هذا الظلام الإداري، برز اسم أحمد عثمان حمزة، والي الخرطوم، كحالة نادرة. رجل مارس العمل التنفيذي بحنكة، واستطاع، رغم الظروف، أن يتخذ قرارات شجاعة ومحورية بعد انقلاب 25 أكتوبر، الذي دشّن مرحلة جديدة من معاناة السودان.
– حمزة، وبعيدًا عن المديح المجاني، كان حريصًا على إعادة ترتيب ما يمكن ترتيبه في العاصمة. تحرك في زمن الحرب حينما صمت كثيرون، وسعى لتوفير الحد الأدنى من مقومات الحياة لمواطني ام درمان، رغم الشح في الإمكانات وانهيار المؤسسات.
– لكن كيف لوالي أو حتى دولة كاملة، أن تنهض في ظل حرب مستمرة أكلت الأخضر واليابس؟ كيف لمن يسكن أم درمان أن يصمد أمام أزمات متراكمة: موت، قتال، كوليرا، وجوع؟!
– لقد دخلنا حقبة مأساوية: الكهرباء مقطوعة، المياه شحيحة، العلاج نادر، الغذاء معدوم، والسند شبه غائب. حتى “التكايا” التي كانت تمد يد العون انكمشت تحت وطأة قلة التبرعات والمضايقات المتزايدة.
– ومع كل هذا، لا تزال هناك محاولات للتغطية على الكارثة الصحية المتفاقمة. الكوليرا تنتشر، والناس تموت في صمت. وليس من المقبول أخلاقيًا ولا إنسانيًا، أن تُخفى الحقائق أو تُقلل من حجم المأساة.
– الحرب لا تزال تفتك بكل شيء، ومن يقبضون على الكيبورد أو يتاجرون بطموحاتهم في بورتسودان لا يرون حجم المأساة الحقيقية التي يعيشها المواطن العادي، في أم درمان وغيرها.
قبل أن تغادروا…
– نعم، لا محالة ستضع الحرب أوزارها. وعندها، سيتساوى الناس قسرًا لا طوعًا، فالفقر المدقع لا يفرق بين غني وفقير، والصرف البذخي لن يخلّف وراءه إلا رماد وطن منهك.
– اقول للجميع.. حكامًا، قادةً، أو مغتنمين لفرص الحرب، لا بد أن يعلموا أن لا تنمية، ولا استقرار دون وقف الحرب. لا فائدة من أي مشروع في ظل القذائف، ولا قيمة لأي خطاب في ظل الجوع والكوليرا والموت المجاني.
– أحمد حمزة، رغم اجتهاده، لن يستطيع أن يصنع معجزة. لن يقدر على تحقيق تنمية متوازنة، ما لم يُسحب السلاح من أيدي المليشيات، ويُقنن وفق قواعد تحفظ الأمن ولا تبث الرعب في قلوب المدنيين.
– إن السودان يستحق أكثر من هذا الألم. يستحق أن يكون وطنًا آمنًا، بعيدًا عن القتل، والنهب، والفساد. وستنتهي الحرب … عاجلًا أو آجلًا … وسيتساوى الناس جميعًا حين يسقطون تحت خط الفقر المدقع الذي لا يفرق بين طبقة وأخرى.
– وفي ذلك الزمن، لن يصح إلا الصحيح، وسينتصر من وقف مع الحق، وواجه الحقيقة، في زمن طغت فيه الحرب… وتفشت فيه الكوليرا.

مرسال نيوز

تهدف مرسال نيوز إلى أن تكون الخيار الأول للقراء الذين يبحثون عن الأخبار الصحيحة والشاملة. تسعى المنصة إلى تقديم محتوى غني بالمعلومات يغطي مختلف المجالات مثل السياسة، الاقتصاد، الثقافة، والرياضة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى