
– بقدر ما أتاحت وسائل التواصل الاجتماعي فرصًا إيجابية للتعبير والتواصل، إلا أن سلبياتها تفوّقت بسبب سوء استخدام البعض لها، وجهلهم بأسس المحتوى الهادف، وسط غياب الرقابة والقوانين التي تُميّز من يملك الأهلية لتأسيس منصات حقيقية، عمادها الوعي لا الصخب.
– هذا الواقع المشوّه أفرز ما يمكن تسميته بـ”اللايفاتية”، أولئك الذين يعتاشون على الظهور المستمر، لا يحملون رسالة، ولا يمتلكون هدفًا سوى إثارة الجدل، ونشر الكذب، وتأجيج الفتن، في فضاءٍ مفتوحٍ بلا رقيب ولا مرجعية.
– لقد ساهم هذا العبث في تغذية نيران الفتنة، من خلال أصواتٍ تصرخ ولا تُفكّر، تُطلق الاتهامات بلا وعي، وتبث الرعب في نفوس المدنيين، وتزرع الكراهية بين أبناء المجتمع الواحد. كل ذلك تحت غطاء حرية التعبير، التي تحوّلت إلى فوضى لغوية ومعرفية وأخلاقية.
– أتساءل دومًا: كيف يجد هؤلاء المتابعين؟
– كيف يتحول العبث إلى رأي؟
– والصراخ إلى منصة؟
– والتحريض إلى ترفيه؟
– لقد بات واضحًا أن هؤلاء “اللايفاتية” غير مؤهلين لصناعة محتوى، بل هم فقط ضجيجٌ يعطّل رسائل العقلاء والمختصين، الذين يعملون بصمت لنشر ثقافة السلام، وهم يواجهون مهمة أكثر صعوبة اليوم وفي المستقبل، بعد أن تحوّلت مفاهيم السلم إلى مادة للسخرية والتهكم.
– كلما شاهدت هذه الفوضى، استحضرت ما درسته عن بناء السلام، عن فن الكلمة، وقوة الرسالة، وفهم المجتمع. وأدركت حجم الهوة بين عبث اللايفات، وبناء المستقبل الآمن.
– سيحتاج صُنّاع السلام وكتّاب الوعي وقتًا طويلًا لإعادة بناء الثقة في الكلمة، ومواجهة أثر هذه الفوضى التي أصبح لبعضها منصات تلفزيونية تفتح أبوابها دون مساءلة، بل و”تُشرعن” هذا الظهور بدلًا من تحجيمه.
– والأدهى من ذلك، أن فنانين ومبدعين سابقين، تركوا مجالاتهم الإبداعية، ليصيروا وقودًا للفتنة، وناشري حقد بدلًا من أن يكونوا رُسلًا للجمال.
بعد أن تغادروا…
– رسالتي لكل هؤلاء:
الفتنة أشد من القتل.
والكلمة المسموعة أكثر فتكًا من الرصاصة. وأنتم مسؤولون عنها، حين يُفتح كتاب الحساب.
– ستندمون، ليس لأنكم حملتم سلاحًا، بل لأنكم قتلتم المدنيين بعبارات، وشرّعتم الخراب بالكلام.
– ورسالتي للمبدعين:
الفنانُ رسول، ورسالة الرسول لا تكون إلا سامية، والفن لا يكون إلا للخير والجمال والسلام. يوماً ما ستدركون ذلك… ولكن قد لا ينفع الندم.
– السودان لا يستحق هذا الضجيج، بل يستحق من يدعو إلى التي هي أحسن.
– السودان يستحق أن يكون بخير، في سلام وأمان.