العمل التطوعي في السودان… عطاء متجذر ومتجدد رغم الظروف
قلم حر د. متوكل أحمد حمد النيل

يعتبر العمل التطوعي في السودان من أبرز مظاهر التكافل الاجتماعي التي ورثها السودانيون جيلا بعد جيل وهو شعب متطوع بالفطرة، حيث ظل حاضراً في الريف والحضر عبر مبادرات جماعية مثل “النفير” وأعمال الخير التي تعكس روح التضامن والإنسانية.
منذ قدم الأزمان . إرتبط السودانيون بمفهوم التعاون الجماعي، سواء في الزراعة والبناء أو في مساعدة المحتاجين ومساندة المتضررين من الكوارث الطبيعية كالفيضانات والسيول. ومع تطور المجتمع، اتخذ العمل التطوعي أشكالًا أكثر تنظيمًا عبر الجمعيات الخيرية والمنظمات الطوعية.
في القرى، لا يزال “النفير” حاضرًا، إذ يجتمع الأهالي لمساندة أحد أفراد المجتمع في الحرث أو الحصاد أو بناء منزل جديد. أما في المدن، فقد تنوعت المبادرات الشبابية، من حملات النظافة والتشجير، إلى القوافل الطبية ومبادرات التعليم المجاني للأطفال الأيتام والنازحين.
الشباب السوداني كان دائمًا في مقدمة الصفوف، خاصة في أوقات الأزمات والكوارث ، ففي السيول الأخيرة، سارعت مجموعات شبابية إلى تنظيم قوافل إغاثية، مما أعاد للأذهان قيم التضامن التي تميز المجتمع السوداني وكذلك النقص الكبير في الغذاء والماء والدواء فكانت المنظمات والجمعيات والمبادرات الخيرية حاضرة وساهمت بشكل كبير في توفير الغذاء عبر توزيع المواد الغذائية وحفر الٱبار توفير الدواء خاصة إدوية الأمراض المزمنة في عدد كبير من ولايات السودان المختلفة .
بالرغم من إتساع رقعة العمل التطوعي، إلا أنه يواجه تحديات كبيرة أبرزها ضعف التمويل، وغياب التنسيق بين المنظمات وعدم العمل كشبكة واحدة لتقليل التكلفة والمجهود، فضلًا عن هجرة الكوادر المؤهلة نتيجة الأوضاع الاقتصادية،وكما يشير خبراء إلى أن ضعف التدريب في إدارة المبادرات التطوعية يحدّ من استدامة أثرها ولا تجد لها حضورًا في الميدان .
يرى مختصون أن العمل التطوعي في السودان يملك فرصًا كبيرة للتطور إذا تم استثماره بشكل منهجي وبتخطيط سليم وإدارة رشيدة خاصة مع توفر قاعدة شبابية واسعة يمكن أن تشكل رافعة قوية للعمل المجتمعي ، ويدعو خبراء إلى دمج ثقافة التطوع في المناهج التعليمية، وتوظيف الإعلام الرقمي في نشر الوعي وتنظيم المبادرات.
كلمة أخيرة….
يبقى العمل التطوعي في السودان شاهدًا على أصالة المجتمع وقوة نسيجه الاجتماعي، لكنه في حاجة ماسة إلى التخطيط والدعم المؤسسي حتى يواكب تحديات العصر ويستجيب لاحتياجات المواطنين بشكل أكثر فاعلية ، لذلك من الأهمية بمكان أن ينخرط الجميع في العمل التطوعي لما فيه من سعادة الدنيا ونعيم الٱخرة .