المعاش بين الحقيقة و التطفيف
خالد الجريف
حراك المعاشيون و المفصولون سياسيا و تعسفيا فى العهد المباد الملحوظ هذه الأيام لابد ان يكون له مردود إيجابي من أصحاب اتخاذ القرار بانصافهم و النظر فى عدالة مطالبهم المشروعة، إن هؤلاء الفئات قد فتك بهم الظلم و الغبن و شظف العيش و بؤس الحياة.
رفعوا المذكرات تلو ألمذكرات و تكلموا كثيرا عبر وسائط الإعلام المسموعة و المقروءة و المرئية و منبر سونا و منبر طيبة برس ليبينوا بالحقائق و المستندات الدامغة ان ما يمرون به فى الظرفين المكاني و الزماني بهذا الوطن العزيز لجد محير لاهل العقول أصحاب الحل و العقد. إذ ان الحكومات المتعاقبة لا فرق بينها فى ظلمهم و التفريط بحقوقهم و هدرها لا يستثني من ذلك أى نظام سياسي اخذ فرصته فى الحكم خلال العقود الثلاثة الأخيرة حيال اوضاعهم و قضاياهم و معاناتهم المستمرة.
كيف لا يتحير العاقل ذو البصر و البصيرة؟ فى امر تحكمه القوانين و تحيط به اللوائح و له نظاير فى كل دول العالم حسب مواثيق منظمة العمل الدولية الموقع عليها السودان. يدغمس بهكذا طريقة تجافي احترام كبار السن. الذى تفرضه و تقره الأديان و الأعراف و القوانين.
حين يتأمل الانسان و يتدبر يجد أن المعاش بين الحقيقة و التطفيف حاله عجبا عجابا ظلم واضح فاضح بانتهاكات حقوق المعاشيين و اختراقات القوانين حتى وصل الامر و دفع ببعض المعاشين ليكونوا بين القضاء الجالس و الواقف فى درجات  التقاضي  وصولا للمحكمة العليا و يكسب المعاشيون بقرارها قضية الاستبدال الشهيرة عام 2009 — 2012م ذات المخرجات بمبالغ مهولة 260 مليارا من الجنيهات وقتها ، لاسترداد مستحقاتهم المستباحة بالسلب و النهب بفعل فاعل تفديره هو. ثم لا يخفى على كل متابع ان تقارير المراجع العام أكثر جهاز رقابي في البلاد وعين الدولة على مواقع الفساد تتحدث بجلاء لا لبس فيه و لا غموص أن اموال المعاشيين فى مهب الريح و ان صناديق الضمان الاجتماعي عرضة للانهيار، حسب التقارير التى تعكس انه لا توجد شفافية فى ادارة هذه الاموال بل هى سايبة.
هذه الحقائق ليست سرا خفيا بل منشورة فى بعض الصحف السيارة المقروءة فهى اذن معلومة بالضرورة للجهات المعنية من أصحاب إتخاذ القرار لكن تمر او تمرر الامور بالصمت المريب الغريب. كأن ما تكتبه الصحف كما يقال كلام جرايد و تقارير المراجع العام للاستهلاك الإعلامى و السياسى و الاجتماعي. اما الذين اجترحوا السيئات فى حقوق المعاشيين بانتهاك القوانين و المزايا المكتسبة التى لا يجوز المساس بها إطلاقا، كأننا بهم يتهكمون ساخرين  بعد افعالهم النكراء هذه التى فعلوا و من يأمن العقوبة أساء الادب، لاشك و قد افلتوا من المحاسبة و العقاب و ظلوا يمثلون دورهم المرسوم و المعهود فى الفهلوة و التمويه على المعاشيين الذين حلبوا اشطر الدهر بتجاربهم و بما لهم من خبرات تراكمية اكتسبوها عبر السنوات الوظيفية الطويلة التى قضوها فى ممارسة مهنهم المتعددة، فالتزاكي عليهم نوع من العبط و الاستخفاف بعقولهم لا ينطلي بهكذا حيل مصنوعة فالمعرفة بالحقوق و الواجبات من خلال قوانين الخدمة المدنية امر متاح مباح و ليس حكرا على فئة بعينها.
جاء فى الاخبار ان هناك  اجتماعات تعقد و تنفض للنظر فى امر تحسين معاشات المعاشيين لتضمن المقترحات و التوصيات فى الموازنة القادمة 2023م
فى تقديرنا أن الموضوع لا يحتاج للقعدة و القومة و خمة النفس.
كما تقول الطرفة ان احدهم مضاد لنظام حاكم كان يوزع فى منشورات بمدينة عطبرة الباسلة ضد الوضع، و لما قبض عليه وجدوا منشوراته عبارة عن أوراق بيضاء فسألوه لماذا ما عليها كتابة؟ اجابهم الحال لا يحتاج للكتابة. كذلك حال المعاشيين اليوم يغنى عن السؤال و الكتابة و الطرح و الشرح فى الاجتماعات…
من قلب لهم ظهر المجن و احال حياتهم لسواد حالك الظلم و الظلام!!!؟ و هم فى أعقاب اعمارهم كان المرجو و المأمول ان تكون خاتمتهم توقيرا للكبار بمكرمات مسكية النفحات لتكون ايامهم بيضاء تسرهم و تيسر  لأسرهم اسباب العيش الكريم، جزاء وفاقا لما قدموه فى اخصب وانضر ايام شبابهم و حسب دعاء رسولنا صلى الله عليه وسلم (اللهم اجعل اوسع رزقي عند كبر سني وانقطاع عمرى) المتابعين لمجريات الأمور التى تدور خلف الكواليس و امامها لا تفوت على فطنتهم ما فعل بحقوق المعاشيين سابقا و ربما يراد لها ان تكون الآن من الذين اتت بهم سياسات التمكين فى العهد السابق و حاليا اللاحق فقد وجدوا أنفسهم أوكلت لهم الأمانة على أموال المعاشيين و حقوقهم.
السؤال الذى يطرح نفسه هل كانوا على قدر امانة التكليف و المسؤولية،؟ نأمل أن نسمع منهم الاجابة و الإفادة و هل لديهم جديد  من المكتسبات للمعاشيين التى تكفلها القوانين ام هو ذات التطفيف المعهود؟
الآن المطلوب تطبيق معاش المثل و هو مطلب قديم متجدد و مقرر من قبل الحكومة من ذا الذى يقيف فى سبيل التنفيذ؟
و من عجائب أولي الشأن عن المعاشات ان تتوحد قيمة المعاش لكل الدرجات لا فرق بين المدير و الخفير و لايحفظ التدرج الهيكلي الوظيفي و الراتبي كما كان سائدا ايام الخدمة،.
السؤال هل كان الموظفين و العمال كلهم  أعباءهم الوظيفية واحدة ورواتبهم واحدة موحدة؟
مالكم كيف تحكمون؟
ثم بعد ذلك كما يقال حشفا و سوء كيله مبلغ أثنى عشر ألف جنيه الربط المعاشي الشهري لكل المعاشيين هل تكفى لمصاريف طفل فى الروضة؟ ناهيك عن متطلبات الحياة الأخرى مع غول التضخم و سعير الاسعار المتصاعد الغلاء و المغالاة و انخفاض قيمة سعر صرف الجنيه المطردة. ووزارة المالية ترفع ما يليها من ضرائب و الجبايات و غير ذلك، و هنا تجاه المعاشيين تخفض استحقاقاتهم المعاشية.
المطلوب مراجعة قوانين المعاشات لتواكب ايقاع متطلبات الحياة اقتصاديا مع الأخذ في الاعتبار قيمة تدهور الجنيه.
نذكر أعضاء هذه الاجتماعات ان التاريخ بصمات ووصمات و نطن بهم خيرا، حتى لا نضطر كما فعلت بعض الجهات لحمل السلاح مطالبة بالعدل و الإنصاف لرفع الظلم عنهم، اما نحن كل ما لدينا من سلاح هى الدعوات على الظالمين و دعوة المظلوم ليس بينها و بين الله حجاب.
و نذكر بالايات الكريمات
(و أقيموا الوزن بالقسط و لا تخسروا الميزان*)
سورة الرحمن
(ويل للمطففين* الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون* و إذا كالوهم او وزنوهم يخسرون* الا يظن أولئك أنهم مبعوثون* ليوم عظيم)
سورة المطففين.
و من امثالنا باللغة العامية البتضيع فى القيزان ما بتضيع فى الميزان.
لكم الله أيها المعاشيون.
لنا عودة إذا دعا الحال.
               خالد الجريف
اعلام اللجنة الموحدة لمعاشيي التأمين الاجتماعي سابقا
 
				 
					 
						