قبل أن تذهبوا…!!! الهيمنة الإجتماعية والسياسية لكباتن النيل الأبيض وأثرها السلبي

– ولاية النيل الأبيض من الولايات السودانية التي لم تنل حظها من التنمية المستدامة، والسبب لا يخفى على متابع الشأن المحلي: غياب الإرادة الحقيقية من معظم الولاة المتعاقبين على الحكم، وتدخلات مجموعات اجتماعية وسياسية تُعرف محلياً بـ”الكباتن”.
– هذه المجموعة، التي تتصدر المشهد عند استقبال كل والٍ جديد، لا تحمل رؤية تنموية بقدر ما تسعى إلى تثبيت نفوذها الاجتماعي والسياسي.
– يرتدون أجمل الثياب ويقيمون اللقاءات العامة، لكنهم في الواقع يحيدون بوصلة التنمية ويعطلون الانطلاق نحو مستقبل أفضل.
– وفي ظل هذا المشهد، تتحول الموارد المالية للولاية إلى برامج “العون الاجتماعي” بدلاً من توجيهها لمشاريع استراتيجية تنهض بالبنية التحتية والخدمات الأساسية.
– الواقع الماثل اليوم يؤكد ذلك: تردٍ واضح في معظم المرافق الصحية، المدارس، والطرق، مع شبه غياب لأي مشاريع ذات أثر طويل الأمد.
– قرأت بالأمس تصريحاً لوالي النيل الأبيض الجديد حول توسعة شبكة مياه كوستي. هل سيكون هذا المشروع واقعاً ملموساً، أم سينضم إلى قائمة المشاريع التي ذهبت أدراج الرياح؟ مثل مشروع الكهرباء الذي دعمته الهند (أم دباكر)، أو شبكة المياه اليابانية المتطورة، والتي تعد واحدة من الأفضل في أفريقيا، لكنها لم تُفعّل كما ينبغي.
– لم ينجُ قطاع الرياضة من الإهمال. فبدلاً من تأهيل الملاعب في كوستي، ربك، والدويم وغيرها، اتجهت بعض الجهات نحو بيع ميادين الناشئين، ما حرم الأحياء من المتنفسات الشبابية، وأفرغ الساحة من أي بنية تحتية رياضية حقيقية. وللأسف، كان لكوستي النصيب الأكبر من هذا الدمار.
– مدينة كوستي، برصيدها التاريخي وموقعها الجغرافي المهم، لا تزال عاجزة عن الاستفادة من الإمكانيات التي توفرها الملاحة النهرية، السكك الحديدية، والطرق البرية. محاولات “الترقيع” المتواضعة لم تعد مجدية، والحاجة ملحة إلى صيانة جذرية وبُنى تحتية مخططة باحتراف.
بعد أن تغادروا…
– إن أراد والي النيل الأبيض الجديد ترك بصمة حقيقية، فليبدأ بمراجعة الملفات التنموية التي ظلّت حبيسة الأدراج لسنوات، وليبتعد عن دوامة اللقاءات الاجتماعية والسياسية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
– التنمية المستدامة لا تأتي بالعلاقات العامة، بل برؤية وإرادة وقرارات مصيرية.
– نعم، الحرب ساهمت في تأخير الكثير، لكن دمار المشاريع الحيوية في الولاية بدأ منذ زمن ليس بالقصير. والآن، آن أوان الصحوة.
– السودان يستحق السلام، ويستحق أن يكون بخير. والنيل الأبيض لا يجب أن يُستثنى من حقه في التنمية المستدامة، لا سيما في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه إنسانه.